
بالقرب من مدينة القيروان التاريخية وفي رحاب منطقة رقادة تحتضن تونس مركزا متخصصا يعد من أهم الركائز الأساسية في جهود صيانة التراث المخطوط على مستوى العالم العربي. هذا المخبر الذي يعمل تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية التونسية يمثل قلعة علمية لحماية الكنوز المعرفية المكتوبة.
منذ تأسيسه في منتصف التسعينيات وتحديدا عام 1995 نجح هذا الصرح العلمي في ترسيخ مكانته كمرجعية وطنية وإقليمية في مجال العناية بالمخطوطات. لم تقتصر أهميته على النطاق المحلي التونسي فقط بل امتدت لتشمل المنطقة العربية بأكملها حيث أصبح وجهة للخبراء والباحثين المهتمين بحفظ التراث.
تتركز جهود الفرق العاملة في المخبر على تطوير أحدث التقنيات المستخدمة في الترميم والمعالجة الدقيقة للمخطوطات. وتشمل هذه الجهود عمليات معقدة للعلاج الكيميائي للأوراق والرقوق المتضررة بهدف وقف تدهورها وحمايتها من العوامل البيئية وآثار الزمن مما يضمن بقاءها للأجيال القادمة.
بموازاة أعمال الصيانة المادية يتبنى المخبر أحدث المنهجيات الرقمية في الأرشفة والحفظ. فهو يعمل على إدخال تقنيات الرقمنة المتقدمة وإنشاء نظم فهرسة حديثة لا تهدف فقط إلى توثيق المخطوطات بل أيضا إلى تسهيل وصول الدارسين والمهتمين إليها من كل مكان.
يتبع هذا المخبر تنظيميا للمعهد الوطني للتراث وهو ما يوفر له الإطار الأكاديمي والإداري اللازم لتنفيذ مهامه بكفاءة. هذا الانتماء يضمن تكامل جهود المخبر مع الاستراتيجية الوطنية الشاملة للحفاظ على الإرث الثقافي والتاريخي الغني للبلاد.