
تؤكد التشريعات الإلهية على مبدأ القصاص في جرائم القتل باعتباره نظاما قضائيا إلزاميا للمؤمنين حيث لا يهدف هذا المبدأ إلى مجرد العقاب بل يمثل أساسا لحفظ حياة المجتمع بأسره وصيانة الأرواح من خلال إرساء العدالة والحد من انتشار الفوضى والانتقام.
إن الحكمة العميقة من تطبيق القصاص تكمن في كونه سببا مباشرا لحياة آمنة ومستقرة فهذا التشريع يعمل كرادع قوي يمنع من يفكر في الاعتداء على حياة الآخرين من تنفيذ جريمته خوفا من عاقبة مماثلة وهكذا تتم حماية أرواح الأبرياء قبل أن تزهق.
ويأتي هذا التوجيه الإلهي ليخاطب أصحاب العقول الراجحة والبصيرة النافذة ويدعوهم إلى التفكر في الفوائد الجليلة التي تعود على المجتمع من تطبيق هذا الحكم فالأمر يتجاوز النظرة السطحية للعقوبة ليكشف عن فلسفة تشريعية متكاملة غايتها تحقيق الأمن العام.
علاوة على ذلك يقطع نظام القصاص الطريق على الثأر وسلاسل الانتقام التي كانت تهلك المجتمعات وتدخلها في دوامات من العنف لا تنتهي فعندما تتولى السلطة الشرعية تطبيق العدل يشعر أهل المجني عليه بالإنصاف وتستقر النفوس ويسود الاستقرار الاجتماعي.
لقد فرض تشريع القصاص في قضايا القتلى ليكون سياجا يحمي المجتمع ويؤسس لبيئة يسودها التقوى والخوف من الله فالالتزام بهذه الأحكام الإلهية يعزز من وعي الأفراد بحرمة الدماء وقيمة النفس البشرية مما يقود إلى مجتمع أكثر صلاحا وأمانا.